هالة العيسوي تكتب: «سيديهات» الابتزاز الإسرائيلية ضد مخالفيها

الكاتبة الصحفية هالة العيسوي
الكاتبة الصحفية هالة العيسوي

بعيدًا عن ساحات القتال، تستخدم إسرائيل أسلحة غير تقليدية في الساحات السياسية، إما بمفردها، أو بمساندة كيانات خفية تمثل الصهيونية العالمية. فالويل والفضح لكل من يمثل تهديدًا ولو محتملًا لمصالحها، ولمن تريد إخضاعه. والابتزاز والاغتيال المعنوي، والتهديد لمن تسول له نفسه الالتزام بالحيادية، أو يجروء على إعلان موقف مناوئ لإسرائيل، حتى لو كان الموقف مجرد الصمت على حركة مناهضة لها.

تستخدم إسرائيل هذا السلاح وبكل احتراف، وتحتفظ ب "سيديهات" لمخالفيها، مثلما استخدمته قديمًا ضد دول المحرقة، فأركعتهم حتى اليوم، وصاروا أسرى عقدة الذنب، أذلاء، يمدونها بالسلاح الذي تبيد به شعوبًا أخرى.

في الأسابيع الأخيرة امتلأ الفضاء الإعلامي الإسرائيلي بحملة تحريض ضد زعماء حماس المقيمين بالدوحة، مع اتهامات مبطنة بالفساد، عبر نشر مستندات شراء ابن احد زعمائها السياسيين مشغولات ذهبية ومجوهرات بعشرات الآلاف من الدولارات، وكانت فضحت من قبل تلقي أسرة نفس الزعيم للعلاج بمستشفياتها، تلميحًا باهتمام هؤلاء بجمع الثروات والتخلي عن مقاتلي الداخل. يحدث هذا وهي ترقب جهود ضم حركة حماس إلى معادلة الحكم الفلسطينية، تحت مظلة السلطة الفلسطينية لإحداث الوقيعة بين  جناحي حماس العسكري والسياسي، وتشويه سمعة قيادات حماس والإيحاء بأنه لا فرق بينهم وبين زعامات رام الله الذين كشفت من قبل، ارتباط الابن الأكبر لأحد كبار قيادات السلطة بعقود شراكة مع شركات إسرائيلية، كل هذا لأن أي  مصالحة فلسطينية تهدد مصالحها.

وفي الولايات المتحدة، بعد أن جرت مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في العديد من الجامعات الأمريكية، وامتد بعضها إلى هتافات معادية لإسرائيل ودعوات لانتفاضة عالمية، خضع رؤساء جامعات هارفارد و بنسلفانيا ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لاستجوابات في الكونجرس حول الإجراءات التي يتخذونها ضد الطلاب المتورطين في أعمال "معاداة السامية وكيفية ضمان سلامة الطلاب اليهود في الحرم الجامعي.

ليز ماجيل رئيسة جامعة بنسلفانيا، أجبرت على الاستقالة هي ومجلس أمناء الجامعة، رغم أنها اعتذرت علنًا، لأنها لم تقدم ردًا قاطعا على الكونجرس بأن معاداة السامية تعتبر تنمرًا وتحرشًا، وقالت ان الأمر يعتمد على سياق الأحداث. الأمر ذاته حدث مع سالي كورنبلوث رئيسة معهد ماساشوستس التي ردت علي استجوابها بأنها سمعت دعوات قد تكون معادية للسامية، لكن ذلك يعتمد على السياق.

كذلك خضعت كلودين جاي رئيسة جامعة هارفارد لنفس الاستجواب، وقيل لها ان عليها الاستقالة لأنها أجابت بما لا يروق لنواب الكونجرس حين قالت: إن خطاب الكراهية بغيض ومرفوض وضد قيم هارفارد إلا أن الجامعة تلتزم بمبدأ حرية التعبير، طالما أن الأمر لا يخرج إلى حيز الفعل.أكثر من ذلك وإمعانًا في الضغط عليها وتشويه سمعتها، أبرزوا  لها من الأدراج ملفًا قديمًا يعود إلى عام 2007 يحتوي على شبهات واتهامات لها بالسرقة العلمية والاقتباسات الأكاديمية شبه الحرفية في رسالتها للدكتوراه! ورغم عدم ثبوت الاتهام أو اتخاذ أي إجراء أكاديمي ضدها، بل وتعيينها رئيسة للجامعة لتصبح  أول رئيس أسود لتلك الجامعة المرموقة، يظهر هذا الملف فجأة الآن، كما شن رجل الأعمال الملياردير اليهودي بيل إيكمان حملة ضدها، وانتقد سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة سلوك هارفارد وتراخي قيادتها في مواجهة ما أسماه "معاداة السامية.
ملاحظة مهمة أخيرة: كل الأكاديميين المتهمين هم من النساء، في بلد لديها للحرية تمثال!

[email protected]